الحمد لله تبركا بفاتحة الكتاب لأنها ابتداء كل أمر ذي بال و خاتمة كل دعاء مجاب وآخر دعوى المؤمنين في الجنة دار الثواب، نحمده أن وفق من أراد من عباده للتفقه في الدين على وفق مراده، و نصلى و نسلم على أفضل خلقه محمد سيد المرسلين القائل : “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين” وعلى آله وصحبه مدة ذكر الذاكرين و سهو الغافلين.
غاية التقريب لأبي شجاع أحمد بن الحسن بن أحمد الأصفهاني العباداني البصري الشافعي، ولد بالبصرة ووالده ببغداد وجده بأصفهان و كان يدرس بالبصرة. هذا المتن معروف باسم “مختصر أبي شجاع” له شروح عديدة منها : الإقناع للمنوفي و الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني و فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب لشمس الدين محمد بن القاسم المصري العزي الشافعي، نظم العمريطي ألف بيت و يزيد و أسماه نهاية التدريب في نظم غاية التقريب.
إن متن أبي شجاع من أهم المتون عند السادة الشافعية ورغم صغر حجمه و عدة صفحاته إلا أنه قد اشتمل على جميع أبواب الفقه و معظم أحكامه و مسائله المهمة مع سهولة العبارة وجمال اللفظ وحسن التركيب والتقسيمات الموضوعية التي يحتاج إليها المتفقه.
قال شيخنا الجليل الشيخ الدكتور شرف الدين الأزهري -حفظه الله ورعاه- : “المتن روح العلم و الشرح جسده، و الدليل عليه أن القرآن الكريم بنسبة التفاسير هو المتن والسنة النبوية بنسبة الشروح هي المتن”، فالشرح هو المصباح يوقد من شجرة زيتونة وهي المتن، ولا يستغني طلبة العلم عن حفظ المتون بفوائده الكثيرة منها : تقوية الحفظ في العقل وزرع الثقة والحماسة في الروح.
العلوم الشرعية تحتاج إلى أصل العلم الذي هو الكتاب، والسنة، فإذا لم يكن طالب العلم يحفظ النصوص من الكتاب، والسنة، ولا يحفظ مواطن الإجماع، ومواطن الخلاف، ومذاهب أهل العلم، فكيف يتكلم في العلم؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة”، نقول إن حفظ المتون جماعة أفضل من حفظ المتون منفردا لأن بالجماعة نقوي بعضنا بعضا ونشد غضدنا بإخوتنا، فازدادت الحماسة وعلت الهمة عزم الأمر واشتعلت المنافسة.
عادة في بداية الدورة كثير من الذين يلتحقون في هذه الدورة يتساقطون، ويشعرون أنهم دخلوا في أمر لا طاقة لهم به، ولا قدرة لهم عليه، لو صبروا لحصّلوا، وظفروا بإذن الله ففي البداية الذهن بطيء الحركة لم يعتد، واسألوا المجربين، ثم ما يلبث حتى يشتد، ويقوى، فإذا صبر الإنسان، وواصل فإن الذهن يتوقد حتى إنه يستطيع أن يحفظ الأشياء في ربع المدة التي كان يقضيها. و شعرنا هذا في هذه الدورة ووجدنا الطلبة نجحوا بل بعض الطلبة من البنين والبنات يكون السابقين الأولين في ختم هذا المتن و هم :
البنين
ريان بانديغا فردي
عارق عبد العزيز
ألفي حمدان نور خالص
أغثنا ثبت الفؤاد
ديماس أحمد فرحان
نور خيري
محمد حارس فاريذي
رماضيكا دوي فوترا
فتحي فتح الرحمن
فيض الأكبر
البنات
زكية المولى
إيماس ديرا فضيلة
علياء رفيعة
لياء أبريلياني
علياء خير النساء
زهرة سلمى
أغني نفيسة الأدلة
عملية ليلة المنى
حمسية خير الدين
فكرية حكمة
إن الحفظ رزق يمكن أن يمنح الله هذا الحفظ ويمكن أن يحرم، فإذا حرم الله من الحفظ فلا تيئس ولا تقنط ولا تترك طلب العلم فإن طلب العلم عبادة تؤجر عليه حتى ولولم تحفظ وإذا منح الله تعالى الحفظ وألهم ويسر الله الحفظ فاعلم أنه نعمة فلا تتكبر على الناس واصرف هذه النعمة فيما يرضي الله تعالى من خدمة العلوم الإسلامية ولا تتكبر، فكم من إنسان جاد لا يتيسر له الحفظ وكم من إنسان ذكي قادر على الحفظ صرف عن طريق التعلم وكم من إنسان بعد ما حفظ و ذاق لذة العلم سلب هذه النعمة.
هذه الدورة دربتنا علي مثابرة ومصابرة في التعلم لأن العلم لاينال بفطنة خارقة فحسب بل يحتاج إلى غاية الإجتهاد وتقريب القلب إلى الإخلاص حتى نصل إلى النهاية بالسلامة والسعادة.
علاوة على ذلك فإن هذه الدورة تعتبر مشروعا علميا متصلا لبناء مائة متفقه ومتفقهة كواكب الفقهاء وهي دورة فريدة لأول مرة للطلبة الاندونيسيبن بمصر.
ولهذه الدورة فوائد جمة نذكر منها يكفي مقتضى علاقته بالامتحان أن كل من اجتاز حفظ هذا المتن قد اجتاز مقررا واحدا على الأقل وهو امتحان الفقه وهذه المادة موجودة في كل الامتحان مع اختلاف الكليات.
وسيتم توزع الإجازة لمن قد تم اتقان تسميع إلى الشيخ بعد الامتحان.
نشكر الله عز وجل على هذه المنة الجليلة وما أرسل من أشرف المعلم والمربي الشيخ الدكتور شرف الدين الأزهري الذي يرشدنا إلى حب العلم والتعلم ويقودنا إلى سبيل التعلم ويشجعنا على طلب العلوم، نسأل الله أن يجعل كل حرف خرج من فيه في ميزان حسناته ويجزيه خير الجزاء في الدنيا والآخرة، آمين با رب العالمين.
الكاتبة :حلمى اعيننا